على رغم صدور قرار بتحويل أراضي المنح من وزارة الشؤون البلدية والقروية إلى وزارة الإسكان أخيراً، إلا أن «الاستراتيجية الوطنية للإسكان» أكدت أن النظام القديم لأراضي المنح لا يعاني خللاً في وظيفته فحسب، «بل هو مصدر المشكلات في قطاع الإسكان في المملكة»، مشيرة إلى أن صفوف الانتظار على «المنح» و«القروض» نجم عنها حالات تأخير في عملية التطوير السكني وانهيار في الإدارة العامة.
وشددت «الاستراتيجية» التي أصدرتها وزارة الإسكان على أنه على رغم صدور المرسوم الملكي الذي زاد رأس مال الصندوق العقارية وزاد حجم القروض، إلا أن الصندوق ظل غير قادر على القضاء على صفوف الانتظار أو إيجاد نظام دعم مستدام للإسكان بهذه الطريقة.
ولفتت إلى أن وجود جهات عامة عدة وخاصة معنية بـ«الإسكان» بالمملكة أفضى إلى إيجاد مشكلة رئيسة في إنتاج المساكن، وأدت إلى «تشتت» و«تبعثر» الجهود المؤسسية التي تحكم العلاقات بين مختلف الجهات المعنية، مشيرة إلى أن قيام كل جهة من الجهات المعنية بالتخطيط لأهداف وغايات وأجندات مختلفة وتنفيذها نجم عنه حالات كثيرة من عدم الكفاءة والهدر.
وذكرت أن قطاع الإسكان يعاني من غياب الرؤية المشتركة ووجود فراغ في القيادة، «إذ يُعتبر العدد الكبير من المؤسسات المسؤولة عن أجزاء صغيرة من قطاع الإسكان، وعدم وجود سياسة إجمالية للإسكان، من التحدّيات الرئيسة للتوجّه الاستراتيجي»، إضافة إلى ذلك فإن دور ثلاث فئات من الجهات المعنيّة في قطاع الإسكان غير معرّف على نحو كافٍ، مضيفة أن «القطاع الخاص غير مستثمر بصورة كافية، ودور وزارة الإسكان غير مطوّر بصورة كاملة بعدُ، ولكن عندما يتطوّر هذا الدور بشكل كامل فإن وزارة الإسكان سوف تصبح الجهة الرائدة في قطاع الإسكان، وأنه حتى يتحقق هذا الأمر سيظل هناك فراغ في القيادة المؤسسية، وهذا الفراغ ليس قابلاً للمساءلة».
وأكدت «الاستراتيجية» أن غياب التنسيق بين برنامج الأراضي في وزارة الشؤون البلدية والقروية، وقرض صندوق التنمية العقارية سبباً رئيسياً في «الرحلة» الطويلة التي يقطعها المواطن كي يمتلك منزله، لافتة إلى أن ثقافة الشعور لدى المواطن بأن له الحق في الحصول على ما يريد أدت إلى وجود توقّعات عالية لديهم ليست واقعية، وأن هذا الأمر يزيد الضغط على الحكومة كي تتصرّف بسرعة.
وأشارت إلى أن قطاع الإسكان في المملكة يواجه تحديات عدة منها أن قطاع الإسكان بحاجة إلى أنظمة حكومية أقوى مما هي عليه في الوضع الراهن، إضافة إلى أن سوق الإسكان غير الكفء، الناجم جزئياً عن التشتت في جمع المعلومات، قد أسهم في النقص في المساكن في المملكة.
وأضافت: «أن العديد من المواطنين ليس لديهم ما يكفي من الدعم المالي لحيازة المساكن، إضافة إلى أن ثمّة نقص في الأراضي المناسبة التي يجب تطويرها بسبب ضعف إدارة الأراضي والتخطيط العمراني، وأن تلك النقاط تعد من أهم التحديات التي تواجه قطاع الإسكان في المملكة، وأنه ينبغي معالجتها لكي تتمكن الوزارة من وضع استراتيجية فعالة وقابلة للتنفيذ».
وشددت على أن المملكة لا تزال تفتقر إلى وجود «نظام خاص بالتخطيط العمراني»، على رغم وجوده في كل دول العالم تقريباً، وأن الوضع النظامي غير الواضح للتخطيط العمراني في الجوانب النظامية والمؤسسيّة والتقنية بحالةٍ من التردّد تؤدي إلى إضعاف قطاع الإسكان وتطوّره في الوقت الحالي».